قمَّة المعرفة ومؤشِّر المعرفة العالمي أبرز مبادراته
في ظل التغيّرات المتسارعة وغير المسبوقة التي يواجهها العالم اليوم، يكتسب “مشروع المعرفة” – المبادرة الرائدة والمشتركة بين مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي – أهمية متزايدة على الساحة الإقليمية والعالمية، نظراً لما يُقدمه من خبرات ومبادرات معرفية رائدة تلعب دوراً محورياً في تحديد نقاط القوة والضعف في الأنظمة المعرفية على مستوى العالم، ومن ثم دعم عمليات صياغة السياسات وتوجيه الجهود نحو تطوير استراتيجيات وخطط تسهم في بناء مجتمعات المعرفة واقتصاداتها

قمَّة المعرفة: منصّة معرفية عالمية رائدة
رفد مشروع المعرفة مشهد المعرفة العالمي بالعديد من المبادرات المتميزة، وأبرزها “قمَّة المعرفة”، التي حققت نجاحاً كبيراً على مدى السنوات، حيث نظمت ٩ نسخ منها أكثر من ١٠٠٠ جلسة نقاشية وحواراً في مختلف مجالات المعرفة واستشراف المستقبل، كما استقبلت ما يزيد عن ٩٠٠ متحدث من أبرز النخب الفكرية والعلمية في العالم وصُناع القرار والأكاديميين، مُسجّلة حضوراً تجاوز ١.٢ مليون زائر، بالإضافة إلى حجم وصول ومشاهدات تجاوز ٢٠٣ مليون على الموقع الرسمي ووسائل التواصل الاجتماعي. كذلك أنتجت ٧١ بودكاست لاقت انتشاراً واسعاً في الأوساط الفكرية والعلمية. وتُقام القمَّة هذا العام بنسختها العاشرة تحت شعار “أسواق المعرفة، تطوير المجتمعات المستدامة” يومي ١٩ و٢٠ نوڤمبر ٢٠٢٥
مؤشِّر المعرفة العالمي، مقياس رائد للتنمية الدولية
وضمن المشروع، يبرز كذلك “مؤشِّر المعرفة العالمي”، بصفته أداة رائدة تدعم صنّاع السياسات والباحثين على فهم التحديات والفرص المتعلقة باقتصادات ومجتمعات المعرفة على مستوى العالم. وقد أطلق المشروع حتى الآن ثماني نسخ من المؤشِّر، والذي يضم سبعة مؤشرات قطاعية مركبة، تشمل: التعليم قبل الجامعي، والتعليم التقني والتدريب المهني، والتعليم العالي، والبحث والتطوير والابتكار، وتكنولوچيا المعلومات والاتصالات، والاقتصاد، والبيئة التمكينية. وشملت نسخة ٢٠٢٤ نتائج ١٤١ دولة حول العالم تمثل مختلف الأقاليم الجغرافية ومستويات التنمية، مما أتاح تقديم رؤية أوضح للفجوات والتحديات التي تواجه الدول في مسيرتها نحو بناء اقتصاد معرفي متكامل. وفي هذا العام ٢٠٢٥ ، سيشهد المؤشر الذي سيتم إطلاقها ضمن فعاليات “قمة المعرفة” تطويراً في المنهجية ليعكس الديناميكيات المتغيرة للتنمية العالمية، في جهد مستمر للحفاظ على قابليته للتكيف مع التوجهات العالمية المتغيرة
أكاديمية مهارات المستقبل: سد الفجوة الرقمية وتمكين الأجيال القادمة
وضمن أهداف المشروع لتعزيز مهارات المستقبل لدى مواطني المنطقة العربية، تم إطلاق مبادرة “مهارات المستقبل للجميع” بالتعاون مع منصة “كورسيرا” التعليمية، لتوفير برامج تعليمية مجانية تهدف إلى بناء وتعزيز المهارات الضرورية للمستقبل لدى سكان المنطقة العربية. واستفاد منها خلال عام واحد نحو ١٠٠٠٠ متعلم من المنطقة وخارجها، عبر أكثر من ١١٤٠٠٠ ساعة تعلم و١٥٠٠٠ برنامج تعليمي متنوع
ونتيجة لهذا النجاح الكبير، توسعت المبادرة لتصبح “أكاديمية مهارات المستقبل”، والتي تستهدف مليون متعلم سنوياً، للوصول إلى ١٠ ملايين بحلول عام ٢٠٣٠، وذلك في إطار سعيها إلى سد الفجوة الرقمية وفجوة المهارات في المنطقة العربية، إضافة إلى إعداد الأجيال القادمة لوظائف المستقبل في ظل التطورات العالمية المدفوعة بالتغير المتسارع والهائل للتكنولوچيا. منذ انطلاقتها في مارس ولغاية أكتوبر هذا العام، حقق متعلمو الأكاديمية إنجازات لافتة شملت حوالي ٤٩٠٠٠٠ فيديوهات مُشاهدة، ٣١٣٠٠٠ قراءة مُكتملة، وأكثر من ٢٦١٠٠٠ تقييم مُنجز، ما يعادل آلاف من الساعات التي تم تكريسها لتنمية مهاراتهم
حوارات المعرفة: ملتقى للخبرات العالمية
وتُعد “حوارات المعرفة” كذلك من الفعاليات القيمة في مشروع المعرفة، لكونها سلسلة من الندوات التي تمثّل امتداداً لفعاليات قمَّة المعرفة، وتستضيف خبراء ومختصين بمجالات المعرفة من جميع أنحاء العالم، لمناقشة التوجهات العالمية والتحديات المعرفية والتنموية، وتسليط الضوء على الفرص غير المستغلّة والتجارب المفيدة
وفي سياق المنصات الرقمية، فقد أُطلقت منصة “المعرفة للجميع” عام ٢٠١٥، وتطبيق الهواتف الذكية الخاص بها في ٢٠١٦، لتكون منصة جامعة لمختلف الأدوات المعرفية الخاصة بمشروع المعرفة، بهدف تسهيل وصول المعلومات إلى صُنّاع القرار والأكاديميين، وتوفير منصة للمتخصصين لنشر أبحاثهم العلمية. يتم العمل حالياً على تحديثها بما يواكب التغييرات العالمية والتكنولوچية
أسبوع ورحلة المعرفة، للتنمية الوطنية المستدامة
وفي إطار توسيع نطاق الشراكات الإقليمية، أطلق المشروع مبادرة أسابيع المعرفة التي بدأت بـ “رحلة المعرفة” التي انطلقت بدايةً إلى الكويت، لتعزيز التعاون بين المؤسسات العربية. وتضمنت الرحلة ثلاث محطات، في أكتوبر ٢٠٢٤، وفبراير ٢٠٢٥، وأخيراً يونيو ٢٠٢٥، وشارك فيها عدد كبير من الشباب العربي حيث قدمت لهم مجموعة واسعة من الفعاليات والنقاشات الغنية، مشكلة نموذجاً للتكامل العربي في رفد الشباب العربي بالمهارات القيادية اللازمة لمواكبة متطلبات المستقبل وتعزيز التنمية المستدامة في القطاعين العام والخاص. والخروج بتوصيات لصناع القرار، لتكون بمثابة منصة استراتيچية تسهم في رسم ملامح مستقبل المعرفة
تقارير المعرفة العربية واستشراف المستقبل، رصد لواقع المعرفة وتهيئة لتحديات الغد
من جانب آخر أصدر مشروع المعرفة أيضاً “تقارير المعرفة العربية”، وهي سلسلة متميزة سلطت الضوء على واقع المعرفة في العالم العربي والتحديات التي يواجهها. وقد أُعدّت هذه التقارير للأعوام ٢٠٠٩، ٢٠١٠/٢٠١١، و٢٠١٤، واشتملت على دراسات معمّقة وتحليلات شاملة لقطاعات متعددة، بمشاركة نحو ١٢٠٠٠ طالب من مختلف أنحاء المنطقة العربية
وأصدر المشروع كذلك تقارير استشراف مستقبل المعرفة، وذلك في أعوام ٢٠١٨، و٢٠١٩، و٢٠٢٢، لمساعدة الدول على إعداد مواطنيها لمتطلبات المشهد المعرفي المستقبلي، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع التحولات السريعة والمتغيرات العالمية. حيث ركزت التقارير على تعزيز القيادة الاستباقية لدى الدول، وضمان تطوير مهارات القوى العاملة بشكل مستدام، من خلال تقديم تصور واضح وموضوعي للاحتياجات المستقبلية للمواطنين
وهكذا، يؤكِّد مشروع المعرفة العالمي مكانته كمبادرة رائدة تعزز بناء مجتمعات المعرفة واقتصاداتها، من خلال الجمع بين البيانات والتحليل العلمي، والمنصات التعليمية، والحوار المفتوح، والشراكات الاستراتيچية على المستويين الإقليمي والدولي، ملتزماً بدوره في تمكين الشباب وتطوير المهارات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل، بما يسهم في ترسيخ مكانة دبي ودولة الإمارات كمركز عالمي للمعرفة والابتكار والتنمية المستدامة

