ريشتها تجسّد الجمال ورسالتها تنطق بالإنسانية
منذ بداياتها الأولى، استطاعت الفنانة التشكيلية السعودية العالمية شاليمار شربتلي أن تصوغ هوية فنية خاصة، تجمع بين الحس التجريدي وروح الرسالة الإنسانية، لتصبح إحدى أبرز رموز الفن السعودي المعاصر وسفيرة مبدعة حملت اسم المملكة إلى أعرق المحافل الدولية

البداية من القاهرة… انطلاقة نحو العالمية
بدأت مسيرة شربتلي في سنٍ مبكرة، حين أقامت معرضها الأول في القاهرة عام ١٩٨٨ وهي في السادسة عشرة من عمرها. وقد شهد المعرض حضور نخبة من الرموز الثقافية والفنية، بينهم الفنان صلاح طاهر والشاعر فاروق جويدة، الذين لفتت أنظارهم موهبتها الواعدة. شكل هذا الحدث نقطة التحول في مشوارها، لتبدأ منه رحلة امتدت إلى عواصم الفن العالمية مثل پاريس وماربيا، مقدّمة أعمالاً تجريدية تنبض بروح سعودية وتطلّ على العالم برؤية معاصرة
فن يتجاوز الأطر التقليدية
لم تكتفِ شربتلي بعرض لوحاتها في المعارض الكلاسيكية، بل آمنت بأن الفن لغة يمكنها أن تعيش في كل فضاء. ومن هذا الإيمان وُلدت فكرتها الرائدة في إدخال الفن التشكيلي إلى عالم السيارات، لتصبح أول فنانة سعودية وعربية تُعرّف العالم على مفهوم الفن المتحرك
في عام ٢٠٠٩، تعاونت مع فنانين عالميين مثل عمر النجدي وخوان راميريز، وقدّمت معارض في چدة ومراكش ومدريد، عكست فيها قدرة فريدة على دمج الثقافات والألوان في توليفة فنية متناغمة. كما نفّذت جداريات ضخمة في جدة زينت الكورنيش ومحيط قصر الضيافة، لتصبح من أوائل المبادرات النسائية في الفن العام بالمملكة

من أكسفورد إلى اللوڤر… بصمة سعودية على خريطة الفن العالمي
واصلت شربتلي مسيرتها بثبات نحو العالمية، فكانت مشاركتها في معرض هو نكست بپاريس من أبرز محطاتها، حيث عرضت أعمالها إلى جانب أكثر من ٧٠٠ علامة فنية وأزياء عالمية. كما عرضت أعمالها في جامعة أكسفورد البريطانية، مؤكدة حضورها كأيقونة تمزج بين الأصالة والتجريب
ومن إنجازاتها اللافتة تصميمها لسيارة پورشه ٩١١ كاريرا التي عُرضت في معرض باريس، إلى جانب تصميم سيارة لا تورك فورمولا التي ظهرت في سباق موناكو عام ٢٠١٧، واحتضنها متحف اللوفر ضمن معرض “الفن المتحرك”. وقد شكّل هذا الحدث تتويجًا لمفهومها الفني القائم على دمج الإبداع بالتقنية والحركة
امتدت بصمتها كذلك إلى تصاميم سيارات فيراري ٣٦٠ وميني كوپر وياماها تريسيتي، وصولاً إلى تصميم فني فريد لسيارة باجاني زوندا بلغت قيمتها أكثر من ٣.٥ مليون دولار، لتصبح رمزًا للفخامة حين تمتزج بالفن
محطات بارزة في مسيرتها
١٩٨٨: المعرض الأول في القاهرة – بداية الانطلاقة
٢٠٠٦: المشاركة في معرض مونمارتر بپاريس وماربيا بإسپانيا
٢٠١٧: تصميم سيارة الفورمولا لا تورك وعرضها في سباق موناكو
الفن كرسالة إنسانية
لم يكن الفن لدى شربتلي غاية جمالية فحسب، بل وسيلة نبيلة لخدمة الإنسان. فقد أسست مبادرات فنية وخيرية عدة، منها تنظيم مزادات فنية وحفلات دعم للأطفال وذوي الهمم، أبرزها الحفل الخيري في قصر فلورنسا الإيطالي. كما كرّمها صالون الخريف الفرنسي بجائزة مرموقة تقديرًا لإبداعها ومساهماتها الإنسانية

رائدة “الفن المتحرك” عالميًا
بفضل رؤيتها المبتكرة، أصبحت شاليمار شربتلي أول فنانة سعودية وعربية تُكرّم عالميًا بصفتها مؤسسة ورائدة فن “الفن المتحرك”، الذي يقوم على نقل الفن من جدران المعارض إلى مساحات الحياة اليومية. وقد لاقت أعمالها في هذا المجال إشادة واسعة بعد عرضها في متحف اللوفر، لترسخ مكانتها كرمز عالمي للفن المعاصر الذي يجمع بين الجمال والابتكار والتقنية
سفيرة الفن والسلام
اختيرت شربتلي سفيرة للنوايا الحسنة تقديرًا لدورها في دعم القضايا الإنسانية ومبادرات السلام وتمكين المرأة. ومن خلال فنها، حملت رسالة المملكة إلى العالم، تجسيدًا لقيمها القائمة على العطاء، التسامح، والإنسانية
رحلة شاليمار شربتلي التي بدأت من معرض صغير في القاهرة تحوّلت إلى ملحمة فنية سعودية ملهمة، كتبت فصولها بالريشة واللون، وخلّدت اسمها كأيقونة عالمية للفن الذي يعبر الحدود ويُوحّد الثقافات